التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تأسيس ويكيبيديا




في العام 2000 قرر الأمريكي جيمي ويلز الانسحاب من عمله كمتاجر في الأوراق المالية والعمل على مشروع اسمه "نيوبيديا" وهو عبارة عن  موسوعة على الانترنت بحيث تكون متاحة وسهلة الوصول من قبل الجميع في أنحاء العالم. كانت المقالات تكتب بواسطة مجموعة من المساهمين المتطوعين ذوي الخبرة في مجال الاختصاص، ثم يتم مراجعتها بواسطة محررين خبراء متخصصين قبل نشر المقالات كمحتوى حر على الانترنت.


شاهد الحلقة كاملة على قناتي الان، واشترك بالقناة ليصلك كل جديد كل يوم.



المشروع، كما هو واضح يهدف إلى نشر المعرفة على أكبر نطاق ممكن. تقدم الموسوعات عدد ضخم من الموضوعات المختصرة في مختلف المجالات بأسلوب بسيط وموضوعي، وغالباً ما تحتوي على مراجع لمزيد من القراءة حتى تكون نقطة انطلاق لمزيد من البحث التفصيلي. ربما تكون أشهر الموسوعات الناطقة بالإنجليزية هي الموسوعة البريطانية التي يتم تطويرها منذ العام 1768م، لكن مشكلة الموسوعات بشكل عام هو حجمها الكبير وبالتالي صعوبة نقلها وتكلفة شرائها غير المناسبة للكثير من الناس.


مشروع جيمي ويلز يأتي لحل هذه الإشكالية، وجعل الموسوعات رقمية ومتاحة للجميع بشكل مجاني، لكن المشكلة التي واجهته منذ البداية هي عملية الكتابة والمراجعة التي كانت تأخذ الكثير من الوقت، مثلاً، منذ بداية المشروع في العام 2000 وحتى الأول من يناير من العام 2001 لم يتم إنجاز سوى عدد قليل جدا من المقالات التي كتبها وراجعها مختصون.


بسبب الإحباط من التقدّم البطيء في المشروع، لجأ ويلز إلى ابتكار طريقة أخرى، وأنشأ ما يُعرف اليوم بـ ويكيبيديا، وهي كلمة مكونة من مقطعين: الأولى ويكي ويعني "بالغ السرعة" بلغة هاواي، والمقطع الثاني "بيديا" وهو جزء من كلمة إنسيكلوبيديا وتعني بالإنجليزية الموسوعة. وهكذا يكون معنى الاسم الموسوعة بالغة السرعة!


ومثل مشروع نيوبيديا، تعتبر ويكيبيديا موسوعة  مجانية حرة على الانترنت أيضاً، لكن بدلاً من أن يكتبها ويحررها مجموعة من الخبراء المتخصصين أصبحت عبارة عن موقع موسوعي يمكن لأي شخص الكتابة والمساهمة والتحرير فيه، بغض النظر عن خلفيته العلمية أو مجال اختصاصه، طالما أنه ملتزم بالمبادئ الأساسية. تم إطلاق الموقع في 15 يناير سنة 2001، وأصبح هذا اليوم يعرف بيوم ويكيبيديا احتفالا بهذا الإنجاز العظيم.


فكرة أن يكتب الموسوعة أي شخص متصل بالإنترنت وقادر على المشاركة بأي معلومة كانت السبب في سرعة نمو الموسوعة؛ لكن الفكرة حملت معها بعض المخاطر أيضاً؛ ففي البداية، كانت ويكيبيديا هدفاً للتخريب المتعمد، وحروب تحرير الموضوعات، بهدف نشر معلومات مضللة أو منحازة، خاصة في المواضيع الدينية والسياسية التي غالباً ما تثير الجدل ويتم استغلالها.


و للقضاء على مشكلة التخريب تم تبني بعض الإجراءات والسياسات لضمان المصداقية والموضوعية والحياد، وحقق المشروع بالفعل نجاحاً كبيرا خلال الأعوام التالية؛ حتى أصبح ويكيبيديا اليوم المرجع الأكثر قراءة في التاريخ على الإطلاق، ودائماً يصنف بين أكثر 15 موقع زيارة في العالم. مع العلم أن الموقع لا يعتمد على الإعلانات لتمويل تشغيله، بل يُدار بواسطة ويكيميديا، وهي منظمة أمريكية غير ربحية،  تُمّول بشكل أساسي من خلال التبرعات الصغيرة.


طبعاً لم تحقق الموسوعة الحرة، أو الويكيبيديا، نجاحها التاريخي والاستثنائي دفعة واحدة، بل نمت بشكل تدريجي خلال العشرين سنة الماضية. في عامها الأول، مثلاً، كانت ويكيبيديا تحتوي على 20 ألف مقالة فقط، ولكن بحلول ذكرى مرور عشر سنوات على التأسيس في العام 2011 تجاوز عدد المقالات الثلاثة ونصف مليون مقال بفضل المساهمات المستمرة لأشخاص يحبون المعرفة ولديهم شغف مشاركتها مع الآخرين دون مقابل.


وبالرغم من النمو الكبير لعدد المقالات خلال العشر السنوات الأولى إلا أن ذلك النمو بدأ بالتباطؤ بشكل ملحوظ في العام 2010؛ لذلك بدأت ويكيبيديا في التركيز على التوسع بلغات أخرى والوصول إلى المزيد من الشعوب حول العالم، حتى أنه تم إيلاء اهتمام خاص للغات العالم النامي ، مثل السواحيلية، في محاولة للوصول إلى السكان المحرومين من الإنترنت والأقل حظاً في الحصول على وسائل المعرفة.


اليوم تقدم ويكيبيديا محتواها بأكثر من 300 لغة، وتحتوي على حوالي 58 مليون مقال، ويحظى الموقع بما لا يقل عن 2 مليار زيارة شهرياً. ومن بين تلك اللغات بالطبع العربية، حيث يتوفر على ويكيبيديا أكثر من مليون مقالة بالعربية.


يرتكز المحتوى الضخم لهذه الموسوعة على عدد هائل من المتطوعين المحبين للمعرفة، والذين يمكنهم كتابة المحتوى، أو ترجمة محتوى من لغة إلى أخرى، أو تحرير محتوى منشور أو حتى إجراء تعديلات بسيطة مثل علامات الترقيم أو التصحيح الإملائي أو إضافة مصادر.


يعتمد مجتمع ويكيبيديا على عدد محدود من المبادئ المعيارية، أهمها الحياد و الثقة بأن المساهمين يشاركون بطريقة صادقة ومدروسة. هناك مبادئ إرشادية أخرى مثل الالتزام بالمعايير المحددة للموسوعة، واحترام قوانين حقوق النشر. كما تعتمد ويكيبيديا أيضاً على المستخدمين أنفسهم لمراقبة المقالات وجعلها متوافقة مع المعايير والمبادئ.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

منذ فجر التاريخ تقريباً، والبشر يحاولون التنبؤ بنهاية هذا العالم! لقد تنبأوا بهلاك العالم من خلال الفيضانات والحرائق والمذنبات والحروب النووية وغيرها من الأحداث الفظيعة.  في العام 1947م قامت منظمة أمريكية غير ربحية اسمها مجلة علماء الذرة بتصميم ساعة أُطلق عليه اسم ساعة يوم القيامة أو ساعة الأزل، وهي عبارة عن تعبير مجازي عن قرب نهاية البشرية، فما هي هذه الساعة ومن يحرك عقاربها؟ تابع الحلقة كاملة على يوتيوب، اشترك بالقناة وفعل زر الجرس ليصلك كل جديد تنبأ البشر بنهاية العالم منذ آلاف السنين، بل وحددوا لها الكثير من التواريخ. كل تلك التنبؤات فشلت، حمداً لله على الأقل إلى هذه اللحظة! وشملت أسباب نهاية العالم، بحسب التنبؤات، اصطدام كوكب الأرض بكوكب غامض، كتلك الأسطورة التي انتشرت سنة 2012، وتُعرف بنبوءة المايا، لكن شيئاً لم يحدث بالطبع، ووفقاً لوكالة الفضاء ناسا فإن كوك الأرض يمشي على ما يرام منذ 4 مليار سنة، و لا شيء يُظهر أنه يمكن أن يرتطم بشيء ما إلى الآن. ومع ذلك، فإن تلك الفكرة المخيفة ما تزال تسيطر على الخيال الذي نراه كثيرا في الأفلام و الرسوم المتحركة. وبالرغم من كل الأساطير، إلا...

ثلاث قواعد أساسية للتخطيط الاستراتيجي للمنظمات الانسانية

عندما يتعلق الأمر بالتخطيط الاستراتيجي للمنظمات الإنسانية، فلابد من تبني ثلاث قواعد أساسية بحماس: القدرة على التكيف، والتعاون، والتأثير.  تعمل هذه المبادئ على تمكين الكيانات الإنسانية من إحداث تغيير حقيقي في حياة أولئك الذين تخدمهم. أولاً، تعد القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية لأن احتياجات المجتمعات المتضررة من الأزمات يمكن أن تتغير بسرعة. من خلال البقاء منفتحاً ومستجيباً للتغيير، يمكن للمؤسسات معالجة التحديات الناشئة بفعالية مع الحفاظ على وفائها بمهمتها.  ثانياً، يعزز التعاون الشعور بالوحدة بين مختلف أصحاب المصلحة - المتطوعين والشركاء المحليين والحكومات - مما يسمح لهم بتجميع الموارد والخبرات لتحقيق أهداف مشتركة. ويكمن التعاون في الجمع بين وجهات نظر متنوعة وتشجيع الحل الإبداعي للمشكلات الذي يؤدي إلى نتائج أفضل لجميع المشاركين.  وأخيراً، يحتل التأثير مركز الصدارة؛ حيث يجب أن يكون لكل جهد نتائج ملموسة على رفاهية الناس. وهو يشجع التركيز المستمر على قياس التقدم باستخدام المؤشرات المستندة إلى البيانات بحيث يتم تحسين التدخلات بشكل مستمر لتحقيق أقصى قدر من الفعالية. إن تبني ه...

هل يجب أن تكون محايداً دائماً؟

 غالباً، إن لم يكن دائماً، ما يُطلب من الاعلام والصحفيين الالتزام بمبدأ الحياد، أي عدم الميل إلى أي طرف من اطراف الخصومة. حسناً، لنكن صريحين بهذا الشأن، إن الحياد مهم جداً لتحقيق المصداقية، لكنه ليس مبدأ أساسي يجب التمسك به دائماً وأبداً؛ فالصحافة مهمتها إظهار الحقيقة، وانصاف المظلوم، وإيصال صوت من لا صوت له. تمثل الصراعات اليوم مادة أساسية لعمل الصحافة، قد يكون من السهل الوقوف على الحياد عندما لا تكون طرفاً في الصراع، أو عندما لا تكون جزءً أو تابعاً، بأي شكل من الأشكال ، لأحد أطراف الصراع. أما عندما يكون العكس فإن الحياد يصبح مستحيلا، ومع ذلك فهذه ليست القصة الكاملة! المصيبة الأكبر هي عندما تكون الطرف المظلوم، المضطهد، أو المغلوب على أمره.   إن الحياد في حالات الظلم هو انحياز لجانب الظالم، كما يقول ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام؛ ذلك لأن الحياد يساعد الظالم وليس الضحية. السكوت عن المظالم عار يورث البغضاء؛ لذلك تأتي الصحافة لتقف إلى جانب أولئك الذين لا يمتلكون السلطة أو لا يستطيعون نزع حقوقهم. لكن الانحياز والانصاف لا يعني بأي شكل من الأشكال التدليس، أو التضلي...