التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصة نجاح دبي


يُقال أن أول استقرار للسكان في دبي كان في العام 1799م، إلا أن للمنطقة جذور تاريخية تعود إلى ما قبل الميلاد. لكن دبي الحديثة تم تأسيسها بحسب بعض المصادر في العام 1833م على يد أسرة آل مكتوم. وطبعا أصبحت دبي إحدى الإمارات السبع لدولة الإمارات العربية المتحدة في العام 1971م. 


قصة نمو وازدهار دبي تُعد واحدة من القصص الملهمة جداً، حيث كانت بدايتها كقرية صيد صغيرة، ثم نمت بسرعة حتى أصبحت مركزاً رئيسياً في مجال الغوص لاستخراج اللؤلؤ، واليوم تُعد مركز تجاري ضخم ومدينة متنوعة ثقافياً ودينياً واحد أكثر المدن أماناً في العالم، وعادة ما يتم مقارنتها بمدن مثل سنغافورة وهونغ كونغ.


شاهد الحلقة كاملة على قناتي على اليوتيوب، اشترك الان وفعل زر الجرس ليصلك كل جديد كل يوم.



يُنسب نجاح دبي إلى حد كبير إلى مهارة العائلة الحاكمة؛ حيث عملت العائلة الحاكمة على تخفيض الضرائب على السكان والأجانب. طبعاً تُعد الضرائب أحد أهم مصادر الدخل لأي دولة، أي أن الضرائب مفيدة للدولة لكنها مزعجة للسكان والأجانب خاصة التجار؛ ولذلك، بطبيعة الحال، يحب الناس الدول ذات معدلات الضرائب المنخفضة؛ ويُطلق على مثل هذه الدول عادة مصطلح بلاد "الملاذ الضريبي"، والدول التي تمتلك هذه الميزة تكون جاذبة للمستثمرين.


لكن أن تكون الدولة ملاذاً ضريبياً فحسب ليس سوى نصف الطريق؛ حيث يجب أن تكون البلاد مضيافاً لجذب المستثمرين والتجار ، وهذا هو الحال في دبي حكومة وشعباً، حيث عملت الدولة على الترحيب بالأجانب حتى توسعت المدينة بسرعة منذ أوائل القرن العشرين لتصبح مركزاً لإعادة التصدير لبلاد فارس والهند.


يعتقد الكثير من الناس أن اقتصاد دبي اليوم يعتمد على النفط بشكل أساسي، لكن هذا اعتقاد خاطئ في الواقع؛ إذ لا يشكل النفط والغاز اليوم سوى حوالي 6 في المائة فقط من اقتصاد إمارة دبي، حيث لا تزال التجارة هي قلب اقتصاد الإمارة. 


تدير المدينة اثنين من أكبر الموانئ في العالم، منها ميناء جبل علي، ومركز شحن جوي دولي مزدحم. كما تم تأسيس منطقة التجارة الحرة بجبل علي في الثمانينيات لجذب الاستثمار الصناعي؛ و تشمل الأنشطة القائمة هناك صهر الألمنيوم وتصنيع السيارات وإنتاج الأسمنت والصناعات الغذائية والبتروكيماويات وغيرها من القطاعات، حيث يوجد حوالي 7500 مصنع وشركة من أهم وأشهر الشركات الصناعية والتجارية على المستوى العالمي منها على سبيل المثال لا الحصر نستلة ، مارس ، وكرافت فودز.


وبالرغم من حقيقة عدم ارتكاز اقتصاد دبي حاليا على قطاع النفط والغاز كما أشرنا، إلا أن ازدهار التجارة والاستثمار والسياحة والخدمات المالية وغيرها من القطاعات جاء كنتيجة لاستثمار عائدات النفط في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. كانت الكميات متواضعة لكن تم استثمار أموالها بحكمة لتأسيس القطاعات الاقتصادية المزدهرة حالياً من خلال إنشاء البنية التحتية الأساسية. ولذلك يمكن القول بأن دبي اليوم هي النموذج الحديث لسياسة الضرائب والترحيب الناجحة منذ تأسيسها في القرن التاسع عشر. حيث أصبحت دبي مقصد سياحي واقتصادي شهير بفضل أنظمة الاتصالات والخدمات المصرفية الحديثة وصناعة النفط والخدمات المالية وشبكات الطرق المتطورة.


ساهمت سياسات دبي لاستقطاب التجار من جميع أنحاء العالم في ازدهار المدينة اقتصادياً، وهو ازدهار مدعوم أيضاً بالاستقرار السياسي والتشريعات الملائمة. بشكل عام، تستخدم الملاذات الضريبية في العالم نظام ضرائب منخفض أو نظام ضريبي صفري لإغراء الأفراد لإنشاء شركات تجارية والاستثمار داخل أراضيهم. 


تشتهر الملاذات الضريبية أيضاً بإصدارها تشريعات تحمي خصوصية الشركات والأفراد الذين يستثمرون في أراضيهم. تستحق دبي لقب الملاذ الضريبي لتوفر هذه الشروط، على سبيل المثال، لا يوجد في دبي ضريبة أرباح رأس المال أو ضريبة الميراث أو ضريبة العقارات أو ضريبة الدخل، وهذه من الخصائص الأساسية للملاذ الضريبي. تفيد هذه السياسات الدولة لأن مؤسساتها المالية تجلب  مبالغ هائلة من المال. ثم يتم استثمار هذه الأموال من أجل الربح.


تُعد إمارة دبي اليوم واحدة من بين أفضل عشر ملاذات ضريبية في العالم، وتشمل القائمة دولا مثل هولندا ، وسويسرا ، ولوكسمبورغ. لكن قصة النجاح الاقتصادية هذه ليست الثمرة الوحيدة لسياسات الدولة؛ فدبي تتمتع بمستوى عالٍ كذلك من الخدمات الصحية والتعليم والتنوع الثقافي، كما أنها أحد أكثر دول العالم أماناً.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل يجب أن تكون محايداً دائماً؟

 غالباً، إن لم يكن دائماً، ما يُطلب من الاعلام والصحفيين الالتزام بمبدأ الحياد، أي عدم الميل إلى أي طرف من اطراف الخصومة. حسناً، لنكن صريحين بهذا الشأن، إن الحياد مهم جداً لتحقيق المصداقية، لكنه ليس مبدأ أساسي يجب التمسك به دائماً وأبداً؛ فالصحافة مهمتها إظهار الحقيقة، وانصاف المظلوم، وإيصال صوت من لا صوت له. تمثل الصراعات اليوم مادة أساسية لعمل الصحافة، قد يكون من السهل الوقوف على الحياد عندما لا تكون طرفاً في الصراع، أو عندما لا تكون جزءً أو تابعاً، بأي شكل من الأشكال ، لأحد أطراف الصراع. أما عندما يكون العكس فإن الحياد يصبح مستحيلا، ومع ذلك فهذه ليست القصة الكاملة! المصيبة الأكبر هي عندما تكون الطرف المظلوم، المضطهد، أو المغلوب على أمره.   إن الحياد في حالات الظلم هو انحياز لجانب الظالم، كما يقول ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام؛ ذلك لأن الحياد يساعد الظالم وليس الضحية. السكوت عن المظالم عار يورث البغضاء؛ لذلك تأتي الصحافة لتقف إلى جانب أولئك الذين لا يمتلكون السلطة أو لا يستطيعون نزع حقوقهم. لكن الانحياز والانصاف لا يعني بأي شكل من الأشكال التدليس، أو التضلي...

كيف تكتب بشكل أفضل؟

قبل أكثر من سبع سنوات، كنت قد أنشأت هذه المدونة، ثم ما لبث أن نسيت أمرها ببساطة! إذ انشغلت بالكتابة المهنية في عملي كصحفي وكاتب وصانع أفلام وثائقية. لكني اليوم أشعر بالحنين للكتابة البسيطة ذات الطابع الشخصي أكثر، وهذا ما أعادني إلى مدونتي البسيطة هذه، على أمل الاستمرار بهواية كتابة المدونات الرائعة. بما أنه المنشور الأول بعد اكثر من سبع سنوات، فإني أحب أن يكون حول الكتابة، كيف نكتب بشكل أفضل؟ يتفق العلماء على أن الكتابة بدأت في بلاد ما بين النهرين قبل أكثر من 5000 عام من اليوم. لا شك أن ابتكار الانسان للكتابة هو أحد أهم إنجازات الحضارة الإنسانية؛ فبواسطة الكتابة استطاع البشر توثيق أحداثهم وآمالهم وأفكارهم وابتكاراتهم، وقد سمحت وسائل الكتابة بنقل كل تلك المنجزات من جيل لآخر. يعتقد الكثير من العلماء أن الثورة الرقمية اليوم هم بنفس أهمية ابتكار الكتابة، إن لم تكن أكبر؛ ذلك لأن الثورة الرقمية تسمح بنقل الأفكار والاخبار بسرعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشر. اليوم، أصبح بإمكان الجميع كتابة ما شاء، متى ما شاء، ويمكن أن يشاهد ذلك ملايين البشر. لكن هذه الإمكانات الهائلة جعلت المحتوى الرقمي شائ...

Understanding Exposure, How to Shoot Great Photographs with Any Camera

Understanding Exposure, How to Shoot Great Photographs with Any Camera With more than 350,000 copies sold, Understanding Exposure has demystified the complex concepts of exposure for countless photographers. Now updated with current technologies, more than one hundred new images, and an all-new chapter, this new edition will inspire you more than ever to free yourself from “auto” and create the pictures you truly want. In his trademark easy-to-understand style, author Bryan Peterson explains the relationship between aperture and shutter speed, including how to achieve successful exposures in seemingly difficult situations. You’ll learn: • Which aperture gives you the greatest contrast and sharpness, and when to use it • Which apertures guarantee the background remains an out-of-focus tone • Which one aperture—when combined with the right lens—creates an area of sharpness from three feet to infinity • How to creatively use shutter speed to either freeze an acti...