قصة نمو وازدهار دبي تُعد واحدة من القصص الملهمة جداً، حيث كانت بدايتها كقرية صيد صغيرة، ثم نمت بسرعة حتى أصبحت مركزاً رئيسياً في مجال الغوص لاستخراج اللؤلؤ، واليوم تُعد مركز تجاري ضخم ومدينة متنوعة ثقافياً ودينياً واحد أكثر المدن أماناً في العالم، وعادة ما يتم مقارنتها بمدن مثل سنغافورة وهونغ كونغ.
شاهد الحلقة كاملة على قناتي على اليوتيوب، اشترك الان وفعل زر الجرس ليصلك كل جديد كل يوم.
يُنسب نجاح دبي إلى حد كبير إلى مهارة العائلة الحاكمة؛ حيث عملت العائلة الحاكمة على تخفيض الضرائب على السكان والأجانب. طبعاً تُعد الضرائب أحد أهم مصادر الدخل لأي دولة، أي أن الضرائب مفيدة للدولة لكنها مزعجة للسكان والأجانب خاصة التجار؛ ولذلك، بطبيعة الحال، يحب الناس الدول ذات معدلات الضرائب المنخفضة؛ ويُطلق على مثل هذه الدول عادة مصطلح بلاد "الملاذ الضريبي"، والدول التي تمتلك هذه الميزة تكون جاذبة للمستثمرين.
لكن أن تكون الدولة ملاذاً ضريبياً فحسب ليس سوى نصف الطريق؛ حيث يجب أن تكون البلاد مضيافاً لجذب المستثمرين والتجار ، وهذا هو الحال في دبي حكومة وشعباً، حيث عملت الدولة على الترحيب بالأجانب حتى توسعت المدينة بسرعة منذ أوائل القرن العشرين لتصبح مركزاً لإعادة التصدير لبلاد فارس والهند.
يعتقد الكثير من الناس أن اقتصاد دبي اليوم يعتمد على النفط بشكل أساسي، لكن هذا اعتقاد خاطئ في الواقع؛ إذ لا يشكل النفط والغاز اليوم سوى حوالي 6 في المائة فقط من اقتصاد إمارة دبي، حيث لا تزال التجارة هي قلب اقتصاد الإمارة.
تدير المدينة اثنين من أكبر الموانئ في العالم، منها ميناء جبل علي، ومركز شحن جوي دولي مزدحم. كما تم تأسيس منطقة التجارة الحرة بجبل علي في الثمانينيات لجذب الاستثمار الصناعي؛ و تشمل الأنشطة القائمة هناك صهر الألمنيوم وتصنيع السيارات وإنتاج الأسمنت والصناعات الغذائية والبتروكيماويات وغيرها من القطاعات، حيث يوجد حوالي 7500 مصنع وشركة من أهم وأشهر الشركات الصناعية والتجارية على المستوى العالمي منها على سبيل المثال لا الحصر نستلة ، مارس ، وكرافت فودز.
وبالرغم من حقيقة عدم ارتكاز اقتصاد دبي حاليا على قطاع النفط والغاز كما أشرنا، إلا أن ازدهار التجارة والاستثمار والسياحة والخدمات المالية وغيرها من القطاعات جاء كنتيجة لاستثمار عائدات النفط في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. كانت الكميات متواضعة لكن تم استثمار أموالها بحكمة لتأسيس القطاعات الاقتصادية المزدهرة حالياً من خلال إنشاء البنية التحتية الأساسية. ولذلك يمكن القول بأن دبي اليوم هي النموذج الحديث لسياسة الضرائب والترحيب الناجحة منذ تأسيسها في القرن التاسع عشر. حيث أصبحت دبي مقصد سياحي واقتصادي شهير بفضل أنظمة الاتصالات والخدمات المصرفية الحديثة وصناعة النفط والخدمات المالية وشبكات الطرق المتطورة.
ساهمت سياسات دبي لاستقطاب التجار من جميع أنحاء العالم في ازدهار المدينة اقتصادياً، وهو ازدهار مدعوم أيضاً بالاستقرار السياسي والتشريعات الملائمة. بشكل عام، تستخدم الملاذات الضريبية في العالم نظام ضرائب منخفض أو نظام ضريبي صفري لإغراء الأفراد لإنشاء شركات تجارية والاستثمار داخل أراضيهم.
تشتهر الملاذات الضريبية أيضاً بإصدارها تشريعات تحمي خصوصية الشركات والأفراد الذين يستثمرون في أراضيهم. تستحق دبي لقب الملاذ الضريبي لتوفر هذه الشروط، على سبيل المثال، لا يوجد في دبي ضريبة أرباح رأس المال أو ضريبة الميراث أو ضريبة العقارات أو ضريبة الدخل، وهذه من الخصائص الأساسية للملاذ الضريبي. تفيد هذه السياسات الدولة لأن مؤسساتها المالية تجلب مبالغ هائلة من المال. ثم يتم استثمار هذه الأموال من أجل الربح.
تُعد إمارة دبي اليوم واحدة من بين أفضل عشر ملاذات ضريبية في العالم، وتشمل القائمة دولا مثل هولندا ، وسويسرا ، ولوكسمبورغ. لكن قصة النجاح الاقتصادية هذه ليست الثمرة الوحيدة لسياسات الدولة؛ فدبي تتمتع بمستوى عالٍ كذلك من الخدمات الصحية والتعليم والتنوع الثقافي، كما أنها أحد أكثر دول العالم أماناً.
تعليقات
إرسال تعليق