يحتفل الأمريكيون منذ العام 1986 بيوم وطني اسمه يوم مارتن لوثر كينغ الابن، وهو يوم عُطلة رسمية في البلاد. كان مارتن لوثر كينج الابن زعيماً لحركة الحقوق المدنية الأمريكية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، و حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1964 ، وكان في ذلك الوقت أصغر شخص يقوم بذلك. فكيف تمكن كينغ من نيل هذه المكانة ، ولماذا يُعتبر من أهم الشخصيات التي ناضلت في سبيل الحرية وحقوق الإنسان؟
شاهد الحلقة كاملة على يوتيوب، واشترك الان وفعل زر الجرس ليصلك كل جديد كل يوم.
وُلد مارتن كينغ في الخامس عشر من يناير 1929م، وهو ينحدر من أسرة ميسورة من الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة، تلقى والداه تعليماً جامعياً، كما التحق هو بالجامعة في سن الخامسة عشر بموجب برنامج خاص يهدف إلى زيادة التسجيل من خلال قبول طلاب المدارس الثانوية الواعدين.
وبالرغم من هذه التنشئة التي يمكن أن يُطلق عليها أنها آمنة ومريحة و واعِدة، إلا أن كينغ كانت لديه بعض النوازع الداخلية المعارضة للفصل والتمييز العنصري؛ كان كنغ ، مثلاً، يتذكر على الدوام كيف توقف أحد زملائه البيض عن اللعب معه في طفولته لأن الأطفال البيض سوف يرتادون مدارس منفصلة.
درس كينغ علم اللاهوت، وخلال دراسته تمكن من الاطلاع على فلسفة موهانداس غاندي، السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلال الهند. اشتهر كينغ بمهاراته الخطابية ، وانتخب رئيساً للهيئة الطلابية في أحد المرات في الوقت الذي كانت تتألف بشكل شبه حصري من الطلاب البيض.
وبعد ذلك بفترة، قاد كينغ حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة من منتصف الخمسينيات حتى وفاته . و كانت قيادته أساسية لنجاح تلك الحركة في إنهاء الفصل القانوني للأمريكيين الأفارقة في الجنوب وأجزاء أخرى من الولايات المتحدة.
كانت الخطوة الكبيرة في العام 1955، في ذلك العام وقع حادث شهير في تاريخ الفصل العنصري؛ حيث رفضت روزا باركس من مدينة مونتغمري، وهي أمريكية من أصل أفريقي ، تسليم مقعدها في الحافلة لراكب أبيض ، ونتيجة لذلك تم القبض عليها لخرقها قانون الفصل العُنصري في المدينة. وعلى إثر ذلك الحادث، شكل النشطاء جمعية لمقاطعة نظام النقل العام واختاروا كينج كزعيم لهم؛ حيث كان يتمتع بميزة كونه شاباً مدرباً جيداً ولم يكن له أعداء في المدينة، كما كان يحظى بالاحترام بشكل عام ، إضافة إلى صلاته العائلية ومكانته المهنية.
في خطابه الأول، قال كينغ للجمهور: "ليس لدينا بديل سوى الاحتجاج. لسنوات عديدة أظهرنا صبراً مذهلاً. كنا أحياناً نعطي إخواننا البيض شعورًا بأننا أحببنا الطريقة التي نعامل بها. لكننا أتينا إلى هنا الليلة لننقذ من ذلك الصبر الذي يجعلنا نصبر على أي شيء أقل من الحرية والعدالة."
كان خطاب كينغ ملهماً وساحراً، وقدم نموذجا رائعا للقيادة، لكن كل ذلك كان له ثمن؛ حيث قام المناوئون لفكرة الفصل العنصري بتفجير منزل كينغ وتهديد سلامة عائلته، ومع ذلك استمر كينغ وأنصاره في مقاطعة النقل العام والنضال المدني السلمي حتى تمت الاستجابة لمطالبهم، وإلغاء قانون الفصل العنصري في وسائل النقل.
استمر كينغ في النضال، وتوسيع قاعدته الشعبية، و ألقى محاضرات في جميع أنحاء البلاد، وناقش القضايا المتعلقة بالعرق مع قادة الدين والحقوق المدنية في الداخل والخارج. مقتنعاً بشكل متزايد بأن المقاومة اللاعنفية هي أقوى سلاح متاح للأشخاص المضطهدين.
وهكذا أصبح نفوذ كينغ يتزايد من تزايد نشاطه وتبنيه للمزيد القضايا وتأثيره، وتمكن من لفت نظر وسائل الإعلام، كما نال ولاء العديد من الأمريكيين الإفريقيين والبيض، وتمكن من الاستفادة من قوة التلفزيون في الترويج لنضاله المتمثل في اللاعنف النشط من خلال الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية.
ومن بين أهم إنجازاته كان دوره الفعال في تمرير قانون الحقوق المدنية لعام 1964 ، الذي يحظر التمييز في الأماكن العامة ، والمرافق ، والتوظيف ، وقانون حقوق التصويت لعام 1965، كما تبنى قضايا اخرى مثل الفقر والبطالة. وبالطبع في مقابل تلك الإنجازات، تعرض كينغ الإخفاقات أيضاً مثل السجن وتزايد عِداء المعارضين له والتحدي والسخرية. ومع ذلك استمر الرجل في الكفاح حتى تعرض للاغتيال في الرابع أبريل 1968.
قال مارتن لوثر كينغ في أحد الأيام: "الظلام لا يمكنه طرد الظلام؛ فقط الضوء يمكنه فعل ذلك. لا يمكن للكراهية طرد الكراهية. فقط الحب يمكنه فعل ذلك."
تعليقات
إرسال تعليق