التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الملك عبدالعزيز: قصة إرادة

في 18 يناير من العام 1902م تمكن عبدالعزيز آل سعود من استعادة الرياض وبدأ رحلة ملحمية طويلة لتأسيس المملكة العربية السعودية التي أصبح أول ملكا لها. تُعد قصة استعادة الرياض واحدة من القصص الملهمة ليس من الناحية العسكرية والتكتيكية فقط بل أيضا بسبب الأحداث التي سبقت ذلك النصر، والذي أسس أيضاً الأحداث التي قامت عليها المملكة العربية السعودية التي تكتسب اليوم نفوذا إقليما ودوليا كبيراً، إضافة إلى مكانتها الدينية العظيمة.

تابع الحلقة كاملة على يوتيوب، اشترك بالقناة وفعل زر الجرس ليصلك كل جديد كل يوم

ينحدر الملك عبدالعزيز من أسرة توارثت المُلك جيلاً بعد جيل؛ حكم آل سعود أجزاء واسعة من شبه الجزيرة العربية خلال القرنين الثامن والتاسع عشر الميلادي، وطبعا من بين تلك الأماكن الرياض. لكن حكم الرياض آل  إلى منافس آخر والذي استولى على الرياض بدعم من العثمانيين في العام 1890. كان عبدالعزيز مازال صغيرا عندما غادرت أسرته الرياض، وأخذت تتنقل من مكان لآخر حتى استقرت أخيراً في الكويت.


كانت واحة يبرين، جنوب الرياض، أحد الأماكن التي مكث بها الملك عبدالعزيز خلال رحلته قبل استعادة الرياض، وذلك بصحبة آخرين بينهم والده الإمام عبدالرحمن. تجربة حياة الصحراء علمت الملك عبدالعزيز الكثير من الصبر والحكمة؛ فالطعام والشراب المحدود، وحياة التنقل بحثا عن الكلأ والمرعى الخصيب، والتعامل مع الجِمال في الصحراء وتقفي أثرها ومعالجتها، والسفر لمسافات طويلة، كل ذلك علّم ابن سعود الاقتصاد فيما يملك وتحمّل المشقات ومهارات التخفي والبقاء في أصعب الظروف واليقظة الدائمة والاستعداد الدائم للنزال، إضافة إلى المهارات التي كان يتعلمها على يد أبيه منذ الصغر مثل استخدام السيف والسلاح، والقفز على صهوة الجياد والركض بها من غير سرج أو لجام وغيرها من المهارات اللازمة لإعداد القائد.


لم يغب حُلم استعادة المُلك عن الملك عبدالعزيز مطلقا منذ أن ترك الرياض، وأصبح هذا الحُلم يكبر معه خلال السنين اللاحقة؛ فبعد الحياة القاسية التي تعلم منها الصبر وأساليب البقاء في الظروف القاسية تعلم ابن سعود فن الدبلوماسية والتعامل والتواصل في الكويت، التي كانت المحطة التالية بعد واحة يبرين. 


كانت الكويت حينها واحدة من أهم المدن على ساحل الخليج، وكانت تعج بالتجار والدبلوماسيين من كل مكان، وقد أحسن ابن سعود الاستفادة من هذه المدينة ومن علاقته بحاكم الكويت؛ حيث تمكن من جمع الأخبار عن بلاده من قوافل التجار والعشائر المتنقلة بين مختلف انحاء الجزيرة، كما استطاع حضور مجالس الكثير من ضيوف حاكم الكويت، ومن يجالسونه من عرب وأجانب، وممثلي الحكومات الانجليزية والروسية والالمانية والتركية. وهو ما ساهم في زيادة خبرة ابن سعود، ورفع عزيمته لتحقيق هدفه الكبير.


في العام 1901 م قرر ابن سعود استعادة الرياض، رغم أنه لم يكن حينها يمتلك جيشاً أو عتاداً متفوقاً، أو يوظف قائداً عسكرياً محنكاً، كما أنه كان  حينها في بداية العشرينيات من العمر فحسب، ومع ذلك، لم تحط نقاط الضعف الظاهرة هذه من عزيمة الشاب الطموح، وقرر محاولة إقناع القبائل بالانضمام إليه.


كان إلى جانب الملك عبدالعزيز مجموعة من الشباب المخلصين الذين آمنوا بفكرته ووثقوا في حنكته ودهاءه. وقد انطلقوا معه في رحلة طويلة في الصحراء لإقناع القبائل، وبالرغم من نجاحهم في الحصول على المساعدة والإمدادات والرجال، إلا انه سرعان ما انفضوا عنه خوفاً من خصومه  أو طلباً للمرعى الذي حان وقته. كانت هذه الانتكاسة كفيلة بأن يعود ابن سعود أدراجه إلى الكويت، لكن الشاب لم يكن سهل الاستسلام؛ فقرر المضي قدما لكن باستراتيجية مختلفة.


كان ابن سعود يعلم جيداً أنه لن يتمكن من اقتحام الرياض بما لديه من قوة ورجال؛ فقرر بدلا من المواجهة المباشرة التسلل خِفية إلى قصر الحاكم وقتله، أي هجوم مباغت مباشر في قلب المدينة المسورة وحصنها المحصن. كانت الفكرة في غاية المجازفة؛ حيث أن الفشل لن يعني أقل من الموت؛ لذلك خيّر ابن سعود رجاله بين البقاء معه أو الرجوع إلى أهلهم وأزواجهم ومواصلة حياتهم العادية.


لكن الإيمان بعبدالعزيز كقائد أبقى رجاله إلى جانبه، وسار بهم فعلا إلى مشارف الرياض، حيث أبقى مجموعة كبيرة منهم في الخارج، فيما تسلل هو تحت جنح الظلام إلى منزل بجوار القصر، وعند الفجر، لحظة خروج الحاكم من القصر، هاجم ابن سعود و رجاله الحاكم واشتبك الطرفان في القتال، ابن سعود ورجاله من جانب، والحاكم وحراس القصر من الجانب الآخر، وكانت النتيجة بعد العراك الشديد لصالح ابن سعود، الذي نادى الحراس بعد الهزيمة باسمه قائلين: الملك لله ثم لعبدالعزيز بن سعود، وكان ذلك في السابع عشر من يناير من العام 1902 م. كانت تلك لحظة فارقة في تاريخ الجزيرة العربية، ودرس مُلهم من دروس القيادة حيث تمكن الملك عبدالعزيز خلال الثلاثة العقود التالية من تأسيس المملكة العربية السعودية التي أُعلن عن قيامها في العام 1932 م. يقول المدرب الأمريكي بير براينت: " إذا كنت تؤمن بنفسك ولديك تفاني وفخر - ولم تستسلم أبداً ، فستكون الفائز. ثمن الانتصار مرتفع وكذلك المكافآت."

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

What To See And Do In Socotra?

Socotra (The Island of the Dragon's Blood Tree) is an amazing and unique island in the Indian Ocean South of Yemen. This rare island contains many rare plants, trees, insects, reptiles, birds and animals; many of the creatures in the island of Socotra cannot be found anywhere on earth except Socotra! The island has become an interesting destination for its calm beaches, amazing landscapes, unique lifestyle, and the rare plants and animals. Beaches of Socotra are amazing, they are calm and clear, and you can relax in its soft sand or swim in the warm water. The most famous beaches that are perfect for swimming and diving are Detwah, De Hamry and Ras Shuab. A beach Socotra is not just one island; it is an archipelago of four islands, Samha, Darsa, Abd Al Kory and the biggest one Socotra. Socotra is the main island and the capital of the archipelago, which became an independent province in 2014. Most attractions are on the Island of Socotra, a four wheel driv...

Socotra Island Part1 The Land Of Rare Plants

Discovering new worlds is nice, but discovering rare and strange places is great! if you looking to have this feeling -just like me- then you should travel to Socotra island - Yemen, it is one of the few rare and strange places in the world, where you can find things only in Socotra - like the plant in the photo to the left-  not any other place in the world! This plant grows in rocks , it has a strange shape , the islanders use its leaves   as  treatment for some  diseases. Socotra is also known as the dragoon's blood island, I wort a book about this great island contains more than 60 photos in 70 pages talking about what you can see and do in this amazing island and many helpfull information based on my perosonal trip to the dreaming island, don't leave the world with out visting this island, this is all what I can say to all adventure, photographers and travelers lovers! Click here to have a look in my book. Or click here to have a look at m...

هل يجب أن تكون محايداً دائماً؟

 غالباً، إن لم يكن دائماً، ما يُطلب من الاعلام والصحفيين الالتزام بمبدأ الحياد، أي عدم الميل إلى أي طرف من اطراف الخصومة. حسناً، لنكن صريحين بهذا الشأن، إن الحياد مهم جداً لتحقيق المصداقية، لكنه ليس مبدأ أساسي يجب التمسك به دائماً وأبداً؛ فالصحافة مهمتها إظهار الحقيقة، وانصاف المظلوم، وإيصال صوت من لا صوت له. تمثل الصراعات اليوم مادة أساسية لعمل الصحافة، قد يكون من السهل الوقوف على الحياد عندما لا تكون طرفاً في الصراع، أو عندما لا تكون جزءً أو تابعاً، بأي شكل من الأشكال ، لأحد أطراف الصراع. أما عندما يكون العكس فإن الحياد يصبح مستحيلا، ومع ذلك فهذه ليست القصة الكاملة! المصيبة الأكبر هي عندما تكون الطرف المظلوم، المضطهد، أو المغلوب على أمره.   إن الحياد في حالات الظلم هو انحياز لجانب الظالم، كما يقول ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام؛ ذلك لأن الحياد يساعد الظالم وليس الضحية. السكوت عن المظالم عار يورث البغضاء؛ لذلك تأتي الصحافة لتقف إلى جانب أولئك الذين لا يمتلكون السلطة أو لا يستطيعون نزع حقوقهم. لكن الانحياز والانصاف لا يعني بأي شكل من الأشكال التدليس، أو التضلي...