تكاد الكثير من الدول، خصوصاً في منطقتنا العربية، لا تتغير أبداً، لا يتحسن حال المواطنين فيها، ولا تتغير أنظمتها الصحية أو التعليمية او الخدمية بما يتماشى مع التطورات المتلاحقة.
الدول التي لا تحسن من أساليب ادارتها وسياستها العامة عرضة للانهيار. وشعبها، الذي تتحمل مسؤولية حمايته ورفاهيته، عرضة للتخلف والفقر والمرض. على الدول العمل دائما على تحسين أدائها حتى تبقى وتزدهر.
لكن ما الذي يجعل دولة ما لا تغير سياساتها العامة أو تحسن إدارتها؟ يبدو أن هناك عدة أسباب، منها على سبيل المثال لا الحصر، انفصال القادة عن شعوبهم وبعدهم نفسيا وجسدياً عنهم، أمثال أولئك القادة هم من المكتفين بما عندهم غير المبالين بما عند شعوبهم.
عدم وجود محللين موثوقين وذوي خبرة للسياسات العامة هو سبب آخر محتمل. السياسة العامة هي مجموعة الاجراءات التي تتبناها الحكومات، مثل الخطط والقوانين والسلوكيات. يهتم تحليل السياسات العامة بالبحث عن، وإيجاد، البدائل المناسبة التي يمكنها توفير حلول جديدة بكفاءة أفضل. ويتطلب تحليل السياسات العامة تقييم ودراسة السياسات العامة الحالية من أجل صياغة بدائل افضل واعتمادها وتنفيذها.
لا يحمل الابقاء على السياسات العامة المعمول بها منذ سنوات، أو ربما حتى عقود من الزمن، أية مخاطر مقارنة بالبحث عن سياسات عامة جديدة وتبنيها؛ وهذا باعث آخر على عدم التغيير. كما أن وضع سياسات جديدة وتنفيذها قد ينطوي عليه الكثير من التكاليف من أجل البحث والتنفيذ. مثلاً، لمعرفة مدى كفاءة نظام التعليم، سيكون من اللازم جمع الكثير من المعلومات والاستبيانات من الطلاب والمدرسين والمسؤولين في قطاع التعليم، وحتى من مسؤولي التوظيف في القطاعين العام والخاص.
تتغير المجتمعات اليوم بسرعة خارقة؛ متأثرة بالتقدم التقني ووسائل المواصلات والاتصالات. الدول لا تحدّث من سياساتها العامة بما يتوافق مع التغيرات الهائلة في العالم سيكون مصيرها التخلف والفشل وعدم الاستقرار. وكما يقول الفيلسوف الامريكي، روبت مردوخ، فإن العالم يتغير بسرعة، لم تعد الأشياء الكبيرة هي التي تغلب الصغيرة، بل الأشياء السريعة هي التي تغلب الأبطأ.
منير بن وبر
تعليقات
إرسال تعليق