التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تستطيع الدول خلق مجتمعات تتحدث عن الحلول؟

 


الحديث عن المشكلات دون اقتراح الحلول يشبه الحديث عن الجحيم دون الارشاد إلى كيفية تجنبها! ولكن معظم الناس ليسوا "أنبياء" ولا حتى يشبهونهم؛ لذلك تراهم اليوم، وفي كل زمان حقيقة، يتحدثون عن عدد لا حصر له من المشكلات دون الحديث عن الحلول.  ومع تطور وسائل الاتصالات، يمكن أن يتحول أي حديث عابر إلى ثورة! لكنها ثورة لا يُعرف ما المأمول منها.

تعايش كل دول العالم تقريباً هذه المعضلة بطرق مختلفة، وتتعرض للنقد والتوبيخ من قبل شعوبها، وحتى شعوب الدول البعيدة! وقد تتسبب كثرة الحديث بحالة من عدم الاستقرار السياسي والانقسام الاجتماعي، وكما قلنا آنفاً، الثورة حتى!

حسناً، لا شك أن حق الحديث مكفول لكل إنسان، وتكميم الأفواه سلوك استبدادي بغيض. ولكن كيف يمكن أن تحصن الدول نفسها ضد الأقاويل الباطلة، التي تضر دون سبب، ولا تهدف غالبا لإيجاد الحلول بقدر ما تهدف إلى التنقيص والازدراء؟  الجواب نظرياً بسيط لكنه قد يكون معقد عملياً، وهو: التعليم.

التعليم ركيزة أساسية لخلق المجتمعات المستقرة، المجتمعات التي تضع الحلول لنفسها، المجتمعات القادرة على المشاركة السياسية الناضجة، والمشاركة في ادارة الدولة بفاعلية، وتحقيق النمو الاقتصادي، والابتكار.  قد لا يعني "الاستقرار" دائماً "الرخاء والازدهار" ولكنه بديل رائع للفوضى!

دعونا نلقي نظرة على دول اليوم التي تفتخر باستقرارها، رخاءها، ازدهارها، ولنرى نسبة التعليم بها، وبالطبع درجة المشاركة السياسية الناضجة والنزيهه، لنأخذ على سبيل المثال:

الدنمارك: نسبة الأمية بها 1%، وعدد الأحزاب السياسية لا يقل عن 10 أحزاب.

اليابان: نسبة الأمية بها 1%، وعدد الأحزاب السياسية لا يقل عن 10 أحزاب.

النرويج: نسبة الأمية بها 0%، وعدد الأحزاب السياسية لا يقل عن 10 أحزاب.

 النتيجة الأساسية للتعليم عالي الجودة هي خلق مجتمعات قادرة على التغيير، وقادرة على اتخاذ قرارات حكيمة، وقادرة على النمو، أقل فسادا وأعلى شفافية ونزاهة. كما انها قادرة على استخدام وسائل الاتصالات الحديثة لخيرها العام. وبالمناسبة، نسبة مستخدمي الانترنت في الدول أعلاه هي: الدنمارك: 98%، اليابان 84.6% , والنرويج 98%.  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل يجب أن تكون محايداً دائماً؟

 غالباً، إن لم يكن دائماً، ما يُطلب من الاعلام والصحفيين الالتزام بمبدأ الحياد، أي عدم الميل إلى أي طرف من اطراف الخصومة. حسناً، لنكن صريحين بهذا الشأن، إن الحياد مهم جداً لتحقيق المصداقية، لكنه ليس مبدأ أساسي يجب التمسك به دائماً وأبداً؛ فالصحافة مهمتها إظهار الحقيقة، وانصاف المظلوم، وإيصال صوت من لا صوت له. تمثل الصراعات اليوم مادة أساسية لعمل الصحافة، قد يكون من السهل الوقوف على الحياد عندما لا تكون طرفاً في الصراع، أو عندما لا تكون جزءً أو تابعاً، بأي شكل من الأشكال ، لأحد أطراف الصراع. أما عندما يكون العكس فإن الحياد يصبح مستحيلا، ومع ذلك فهذه ليست القصة الكاملة! المصيبة الأكبر هي عندما تكون الطرف المظلوم، المضطهد، أو المغلوب على أمره.   إن الحياد في حالات الظلم هو انحياز لجانب الظالم، كما يقول ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام؛ ذلك لأن الحياد يساعد الظالم وليس الضحية. السكوت عن المظالم عار يورث البغضاء؛ لذلك تأتي الصحافة لتقف إلى جانب أولئك الذين لا يمتلكون السلطة أو لا يستطيعون نزع حقوقهم. لكن الانحياز والانصاف لا يعني بأي شكل من الأشكال التدليس، أو التضلي...

كيف تكتب بشكل أفضل؟

قبل أكثر من سبع سنوات، كنت قد أنشأت هذه المدونة، ثم ما لبث أن نسيت أمرها ببساطة! إذ انشغلت بالكتابة المهنية في عملي كصحفي وكاتب وصانع أفلام وثائقية. لكني اليوم أشعر بالحنين للكتابة البسيطة ذات الطابع الشخصي أكثر، وهذا ما أعادني إلى مدونتي البسيطة هذه، على أمل الاستمرار بهواية كتابة المدونات الرائعة. بما أنه المنشور الأول بعد اكثر من سبع سنوات، فإني أحب أن يكون حول الكتابة، كيف نكتب بشكل أفضل؟ يتفق العلماء على أن الكتابة بدأت في بلاد ما بين النهرين قبل أكثر من 5000 عام من اليوم. لا شك أن ابتكار الانسان للكتابة هو أحد أهم إنجازات الحضارة الإنسانية؛ فبواسطة الكتابة استطاع البشر توثيق أحداثهم وآمالهم وأفكارهم وابتكاراتهم، وقد سمحت وسائل الكتابة بنقل كل تلك المنجزات من جيل لآخر. يعتقد الكثير من العلماء أن الثورة الرقمية اليوم هم بنفس أهمية ابتكار الكتابة، إن لم تكن أكبر؛ ذلك لأن الثورة الرقمية تسمح بنقل الأفكار والاخبار بسرعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشر. اليوم، أصبح بإمكان الجميع كتابة ما شاء، متى ما شاء، ويمكن أن يشاهد ذلك ملايين البشر. لكن هذه الإمكانات الهائلة جعلت المحتوى الرقمي شائ...
منذ فجر التاريخ تقريباً، والبشر يحاولون التنبؤ بنهاية هذا العالم! لقد تنبأوا بهلاك العالم من خلال الفيضانات والحرائق والمذنبات والحروب النووية وغيرها من الأحداث الفظيعة.  في العام 1947م قامت منظمة أمريكية غير ربحية اسمها مجلة علماء الذرة بتصميم ساعة أُطلق عليه اسم ساعة يوم القيامة أو ساعة الأزل، وهي عبارة عن تعبير مجازي عن قرب نهاية البشرية، فما هي هذه الساعة ومن يحرك عقاربها؟ تابع الحلقة كاملة على يوتيوب، اشترك بالقناة وفعل زر الجرس ليصلك كل جديد تنبأ البشر بنهاية العالم منذ آلاف السنين، بل وحددوا لها الكثير من التواريخ. كل تلك التنبؤات فشلت، حمداً لله على الأقل إلى هذه اللحظة! وشملت أسباب نهاية العالم، بحسب التنبؤات، اصطدام كوكب الأرض بكوكب غامض، كتلك الأسطورة التي انتشرت سنة 2012، وتُعرف بنبوءة المايا، لكن شيئاً لم يحدث بالطبع، ووفقاً لوكالة الفضاء ناسا فإن كوك الأرض يمشي على ما يرام منذ 4 مليار سنة، و لا شيء يُظهر أنه يمكن أن يرتطم بشيء ما إلى الآن. ومع ذلك، فإن تلك الفكرة المخيفة ما تزال تسيطر على الخيال الذي نراه كثيرا في الأفلام و الرسوم المتحركة. وبالرغم من كل الأساطير، إلا...